حسناء عمر .. بصر عوّضته بصيرة ليصبح الحلم ممكناً !
تقرير: لما أبو زينة
سيجذبك ذاك الصوت أولاً لتقف طويلاً على كلمات أغنية استطابها سمْعُك
لأول مرة ويجبرُك بعدها على التعرف إلى صاحبه, فتُقابلك ابتسامة أغنت وجها اكتسى من ملامح الطفولة ما يكفي
ليعبُر بك من دائرة اليأس إلى محيط
فرحة بتلك الابتسامة, حسناء عمر-14عاما- من مدينة طولكرم, لم يقف مصطلح "
كفيفة " عائقاً في طريقها عندما اتخذت منه دافعاً لتصنع من موهبتها في كتابة
الأغاني الوطنية وتلحينها خطوة على دربِ نجاحٍ ربما لم يكن باستطاعة مبصرٍ الوصول
إليه.
تتحدث أم النور والدة حسناء وقد اختلط صوتها
بحشرجة واضحة, وتقول: " كانت حسناء باكورة فرحتي وزوجي التي رزقنا بها الله بعد
18 عاماً على زاوجنا, فبعد أن قمنا بعملية زراعة لنتمكن من الإنجاب ولدت حسناء ولادة
مبكرة في الشهر السادس, مما اضطرنا لإبقائها في الحضانة لمدة شهرين حتى تتم فترة التسعة أشهر, لكن ولادتها
المبكرة أثرت على شبكية العين لدى حسناء مما أدى الى فقدانها البصر بشكل دائم في كلتا
عينيها".
"من فقد حبيبتيه دخل
الجنة" لم تلبث حسناء أن تُردد تلك العبارة طيلة حديثها لتَهزم بها أي نبرة
إشفاقٍ قد تُطلقها حناجر كل من يُقابلها أو يمر بها.
تقول حسناء, " كوني فاقدة للبصر واجهتني الكثير من المواقف التي
قد يراها البعض محرجة بالنسبة لي لكنها لم تؤثر بي إطلاقا بل تزيد من إصراري
ومواصلتي للحياة بشكل طبيعي, لابد أن فقدان البصر أمر صعب خاصة أني ولدت هكذا لا
أعرف الأشياء ولا أميز شيء عن آخر حتى وجهي أجهل ملامحه لكنني أرسم في ذهني صورة
لكل شيء حتى أني جعلت لنفسي عالماً خاصاً أحيا به وحدي ويجهله الآخرون لأتميز به
عنهم ".
تشبك يدها تارة وتطلقها أخرى لتتحدث عن شغفها في كتابة الأغاني
وغنائها, وتضيف, " منذ أن كنت في الثامنة من عمري اكتشفت أنني أمتلك صوتا
جميلا وأن بإمكاني الغناء, أصبحت عندها أستمع إلى أغاني أم كلثوم وأحفظ كلماتها
وأغنيها في الإذاعة الصباحية في المدرسة وكنت أحظى بتشجيع كل من يسمع صوتي لأول
مرة, وبعد ذلك قررت أن أتجه للغناء الوطني ومن هنا جاءت الفكرة بكتابة أغاني وطنية
خاصة بي وتلحينها وغنائها بصوتي كي أحقق نجاحا يُظهر للمجتمع أن الكفيف بإمكانه أن
يبصر على طريقته الخاصة وأن يرى النور".
ومن خلال جهاز الحاسوب الناطق لديها تتمكن حسناء من التواصل مع العالم
الخارجي حيث تتواصل من خلال حسابها على الفيسبوك مع الكثير من المغنين والملحنين
الأكراد مما ساعدها على تعلم بعض الأغاني الكردية وإتقانها.
يتحدث أبو النور والد حسناء, " منذ أن كانت حسناء صغيرة وأنا
أحرص على أن تحيا حسناء حياة طبيعية كأي طفل مبصر ودائما ما كنت أحرص على تعليمها
حيث قمت بتسجيلها في مدرسة خاصة بالكفيفين في رام الله لتتمكن من الحصول على تعليم
جيد, إضافة إلى حرصي ووالدتها على تشجيعها لتطوير موهبتها بالغناء والكتابة أيضا ".
تحلم حسناء بدراسة تخصص ترجمة اللغات في الجامعة, خاصة أنها تمكنت من
تعلم اللغة الكردية والتركية من خلال إحدى الفضائيات التي تبث برامجاً لتعليم
اللغات, لكن الصعوبة التي واجهتها حسناء في تعلم الكردية أن البرامج التي كانت
تبثها الفضائية لتعليم الكردية كانت تنطق باللغة الكردية و الإنجليزية فقط مما
دفعها لإتقان اللغة الإنجليزية أولا لتتمكن من فهم الكردية وتعلمها وترجمتها
للعربية.
وتقف حسناء مع موعد لتسجيل أولى أغنياتها خلال فترة قصيرة, حيث ستكون الأغنية من كلماتها وبذلك يكون لها الحق في توثيق
كتاباتها وحفظ حقها بها.
وفي ما يلي مقابلة تلفزيونية مع حسناء
(Y)
ردحذف